5 أسباب سوف تغيّر رأي أي أعزب عن الحياة الزوجية

1 مشاركة
5 دقائق

عادة ما ينقسم البشر فيما يتعلق بالمواضيع الحساسة والمصيرية الى فِئَتين مُتناقضتين تحاول كلّ واحدة منهما التّأثير على الآخرين ودفعهم لتبنّي الخيارات الّتي يَرَونَها مناسبة وفعّالة ومنطقيّة. إنّ من أكثر المواضيع الشّائكة الّتي لا تكاد تخلو جلسة ما من الحديث حولها هي مسألة الزواج والجدوى منه سواءََ على المدى المنظور أو المدى البعيد. كثيراََ ما تحاول فئة من المتزوّجين دفع الآخرين إلى عدم تبنّي هذا الخيار خصوصاََ في الحالات التي أدّى فيها الزّواج إلى تعقيداتِِ كبيرةِِ على المستوى الشّخصي والعائلي. قد يبدو طرح موضوع الجدوى من الزّواج أمراََ غايةََ في الصّعوبة خصوصاََ في هذه الأيّام الّتي تعدّدت فيها الخيارات وأصبحت لا ترتكز فقط على منظورِِ أو تصوّرِِ واحدِِ سواءََ بالنّسبة لموضوع الإستقرار أو الرّاحة النّفسيّة والإجتماعيّة.

 

إن التّردّد في اتّخاذ خطوة الزّواج هو أمرٌ طبيعيٌّ ومبرّر بالنّسبة للكثير من النّاس خصوصاََ بالنّسبة لأولئك الّذين يُقَدّسون العزلة ولا يرغبون بالإنخراط في المجتمع بشكلِِ كبير، ويُفَضّلون البقاء فوق السّطح وعدم الغوص في أعماق العلاقات، وهذا وإن بدا وكأنّه أمرٌ مَرَضِيٌّ، إلّا أنّه مبرّر في كثيرِِ من الحالات الّتي واجهت في حياتها مشاكل دفعتها للعُزوف عن فكرةِ الزّواج بشكلِِ تام. أمّا النّوع الآخر الّذي يبحث عمّن يشجّعه على المُضِيّ قُدُماََ في هذا الخَيار، فإليكم 5 أسباب سوف تدعم خياركم بالمُضِيّ في مشروع الإرتباط والّتي من خلالها سنتعرّف على أبرز ما سيحسّنه الزّواج في حياتكم النّفسية، الإجتماعيّة، وحتى الإقتصاديّة.

 

غالبيّة المتزوّجين سُعَدَاء

"شاونتي فيلدهان" مُؤَلّفة كتاب "الأخبار السّعيدة حول الزّواج" قامت بطرح سؤالِِ على عددِِ لا بأس به من النّاس حول ماهِيّة شعورِهم حِيال عددِ الأزواج السّعيدِين في الحياة الزّوجية. الأمر المُستغرب في الإجابات أنّها لم تتعدَّ ال 50 % بينما الحقيقة حسب إحصائاتِِ شَمَلَت عدداََ كبيراََ من العيّنات العشوائيّة حول العالم تبيّن عكس هذه النّتيجة، إذ تُظهِر الإحصائيّات أنّ أكثر من 80% من الأزواج حول العالم هُم فِعلاََ سَعيدُون بخطوةِ زواجِهِم وأكثر من نِصفِهِم أَجابوا بأنّ سبب سعادتهم الأوّل هو الزّواج. إنّ هذا التّناقض في النّسبة المُتَوَقّعة والنّسبة الحقيقيّة يُشير بوضوحِِ إلى أنّ موضوع رفضِ الزّواج مُبالَغٌ فيه لأسبابِِ كثيرةِِ منها التّغذية الرّاجعة السّلبيّة مِمّن جرّبوا الزّواج فعلاََ ومنها انتشار الأخبار حول حالات الطّلاق والخلافات بشكلِِ أكبرَ من ذي قبل بسبب وسائل التّواصل الإجتماعي، أو التّهويل الإعلامي المُتعَمَّد وتسليط الضّوء على السّلبيات دون التّطرّق للإيجابيّات.

الحقيقة أنّ أغلب المتزوّجين سُعدَاء، وهم يعبّرون عن هذه السّعادة بالإستمرارِ في هذا الإرتباط مدى الحياة في أغلب الأحيان. أحد الخرافات المُنتَشِرة في مجتمعاتنا للأسف هي فكرة أنّ الزّواج مَقبَرة الطّموحات ونهاية الأحلام بالنّسبة لكِلى الطّرفين بينما هو في الحقيقة مجالٌ آخر أوسع لتحقيق هذه الطموحات والأحلام سَويّا.

 

 

الزواج يُسَرّع في نضوج الرّجل والمرأة

الزواج بجَوهَرِه عبارةٌ عن جهود تُبذَلُ من أجل إبقاء العلاقة قائمةََ على دَعائم ثابتةََ قويّة تستطيع أن تواجه الزّمن والتّقلّبات والمصاعب. إذا أراد الرّجل على سبيل المثال أن يُبقِي زوجَتَه سعيدةََ فعليه العمل من أجل ذلك، من خلال بذل الطّاقة الجسديّة والفكريّة والعاطفيّة التي تؤدّي بالمُحَصِّلة إلى الإكتفاء الرّوحي والنّفسي في وجود الشّريك أو الحبيب. إنّ هذه الجهود هي من ناحيةِِ سبيلٌ إلى تكوين شخصيّة ناضجةِِ لدى الطّرفين ومن ناحيةِِ أخرى دعائم لاستمرار الحبّ والوِدّ والاحترام القائم على التّكامل والحاجة المُشتركة للطّرفين في وجود الآخر.

إن هذا الإلتزام الفعّال والواعي كفيلٌ بتذليل الصّعوبات التي من الممكن أن تطرأ على مؤسّسة الزّواج، فمعرفة كلّ طرفِِ أنّ الآخر موجودٌ معه في نفس المكان والزّمان وأنّه هناك رابطٌ عاطفيّ فضلاََ عن الرّابط العقديّ المُلزِم بالزّواج هو أمرٌ إيجابيّ من ناحية تجاوز التّعقيدات والمشاكل بشكلِِ واعِِ وناضج.

 

الإنسان بطبيعته ميّال للزواج

إن تكوين الإنسان الفطري منذ الولادة يُحَتّم عليه التّوجّه نحو الجنس الآخر لكي يحصل على الإكتفاء العاطفي والحسّي. قد نرى ذلك عند الأطفال منذ الصِّغَر إذ يقوم الطفل بالتودّد لصديقته داخل الصّف أو قد تَشعُر طفلةٌ ما بالإحراج عند وجودها بالقرب من طفلِِ آخر من دون معرفة سبب هذا التّوتر الذي سوف يتطوّر في المستقبل ليتحوّل إلى حاجةِِ مُلِحّة لدى الطّرفين بوجود الآخر. 

إن بقاء الإنسان من دون شريكِِ من الجنس الآخر هو سلوك مَرَضِيّ غيرُ سَوِيّ، لأنّ البشر مجبولون على حبّ التّزاوج والرّغبة بالعيش مع شريك. قد تتغيّر هذه الرّغبة مع تغيّر المجتمعات والعادات والتقاليد السّائدة فيها لكن لا تنتفي الرّغبة في التّزاوج أبداََ لدى الإنسان السَوِيّ جَسَدِيّا ونفسيّا.

إن جميع الشّرائع والأديان تحفّز على الزّواج والعيش في ظلّ مؤسّسة أُسَرِيّةِِ صحّية ونظامِِ تكامليّ يتألّف من الرّجل والمرأة والأولاد ولا ينفي ذلك السّلوك إلّا التّصَوّرات الشّاذّة والهدّامة لأغراضِِ معيّنة وليس لها في المنطق أيّ تفسيرِِ أو بُرهان.

 

الزّواج يُشعِرُك بأنّك شخصٌ مُهِمّ

قد لا تبدو فكرة أن يعرف عنك شخصٌ ما كلّ شيئ بما في ذلك الحَسَنَات والمَسَاوِئ، فهذا يُشعِرُ أَغلَبَ النّاس بالضّعف. في حال كنت متصالحاََ مع نفسِك حيال هذا الشّعور وتَعلَمُ يقيناََ أنّ شريكَك يُدرِكُ شخصيّتك بحذافيرها ورغم ذلك هو مُصِرّ على البقاء معك لأطول مدّة ممكنة، فهذا شعورٌ بالأهميّة والفخر الّذي لا يمكن أن يُقارَن بغيره على الإطلاق. إنّ وجود شخصِِ يستطيع أن يُحَوّل حُزنك إلى فرحِِ بكلمةِِ أو لمسةِِ أو ابتسامة هو أمرٌ لا يمكن شراؤه بأيّ ثمنِِ على الإطلاق وهو من العطايا القَدَرِيّة الّتي لا ندرك أهميّتها إلا حال فُقدانِها.

 

الزّواج هو الأُسرة والأولاد والسّند

في إحصاءِِ حول أضخم مشروعِِ قُمتَ به في حياتِك أو ترغب في القيام به أو الإستثمار فيه قامت به إحدى الجمعيّات الأمريكيّة التي تُعنى بالشّأن الأُسَرِيّ، جاءت نتيجة استطلاع للرّأي بأنّ المشروع الأضخم لدى 75% من المُستَجوَبين هو إنجاب الأولاد. إنّ الرّغبة في وجود عائلةِِ مُتَمَدّدة تتّصل باسمك على الدّوام وتقوم بتقويتك في مواجهة مصاعب الحياة وخصوصاََ عند سنين العجز والكِبر هو من أكبر أهداف الحياة إن لم يكن أكبرها على الإطلاق. الإنجاب هو سلوكٌ بشريّ وحيوانيّ غريزي قائمٌ على الرّغبة بعدم البقاء وحيداََ لطبيعة الإنسان الإجتماعيّة، فهو ميّال لتكوين عائلة واسعة قوامها الشّريك والأولاد والأحفاد، فهو بذلك يشعر بالأمان أكثر. في دراسةِِ تُركيّة حول غريزة الإنجاب، قام الباحثون بالرّبط بين غريزة البقاء وغريزة الإنجاب بشكلِِ طرديّ مباشر. تبيّن الأرقام والإحصائات أن المجموعات والأفراد المعرّضين للخطر أكثر وخصوصاََ خطر الموت يميلون للإنجاب بشكل أسرع وأكثف رابطين بذلك بين الرغبة بإبقاء العائلة قائمة والإنجاب المتكرّر.

تَجدُر الإشارة إلى أن الزّواج بمفهومه البشريّ وبكلّ أشكاله وعناوِينه ودوافعِه يبقى التّصرف الإجتماعيّ الأكثر رواجاََ وانتشارا في الكون منذ الأزل وفي جميع المناطق والحقبات والثّقافات، ولا يختلف اثنان حول حتميّة الزّواج للشّخص البالغ العاقل السويّ سواءََ من أجل الحُبّ أو الإنجاب أو الشّعور بالاكتِفاء. 

 

إذا كنتَ من الرّاغبين بالزّواج ولكن تمتلك بعض الشكوك حول جدواه أو بعض المخاوف من المستقبل، عليك أن تعي جيّدا أنّك وإن عشتَ وحيداََ فإنّ فُرَصَ حدوث المشاكل الّتي من الممكن أن تتعرّض لها في الحياة وتؤثّر على نفسيّتك من قلّة الرّزق أو الرّاحة أو الإكتفاء ليست مرتبطة بالزّواج لا من قريبِِ ولا من بعيد فالرّزق مكفولٌ للجميع والرّاحة والسّعادة هي في يد الخالق الّذي أَمَرَنا بالزّواج من أجل تحصين أنفُسِنا و الشّعور بالإِكتِفاء والرّضى والرّاحة النّفسية من دون ندمِِ أو حسرةِِ أو ضيق.

 

المصادر:

  1. https://www.pewresearch.org/social-trends/2019/11/06/why-people-get-married-or-move-in-with-a-partner/
  2. https://www.usnews.com/news/slideshows/9-reasons-why-you-should-get-married-for-yourself-and-for-america
  3. https://www.city-journal.org/html/why-marriage-good-you-12002.html



بمساهمة من   
فؤاد زيدان

مترجم وكاتب