ما هُو الحُلم وهل له علاقةٌ بصحّة الدّماغ؟

5 دقائق

يعيشُ الإنسان عالَمَين مُختلفَين في اليَقظة أو في المَنام من خلال تجارب حِسّية وعاطفيّة تُلقِي بظِلالِها على تصَوُّراته ومشاعرِه وقراراته على المُستوى الشّخصي والإجتماعي. قد يظُنُّ البعض أنّ الإنسان عندما ينام فإنّ كامِل أعضاء جِسمِه تَخلُد إلى النّوم معه من أجل الإسترخاء والبدء بيومِِ جديدِِ بعد ذلك. 

 

إنّ هذا الطّرح غير دقيقِِ علميّاََ إذ إثبتت الدّراسات أنّ القلب والعقل لا ينَامَان وهُما مصمَّمان بطريقةِِ تجعلهُما يَقِظَين طوال عمر الإنسان حتّى في حالات النّوم والإغماء والموت السّريري.

لطالما اعتَقَد القُدمَاء أنّ الأحلام تحمِلُ في طَيّاتِها معاني وقُوىََ خارقة تتعلّق بالآلهة والنُّبوئَات والشّعوذَات، بينما يجزِمُ علماء القرن الواحد والعشرين أنّ الأحلام عبارة عن نشاطِِ دماغي في حالات النّوم يقوم من خلالها بترتيب المُعطَيات الحسّية والنّفسيّة للوصول إلى نتيجةِِ ما تنعَكِس على الصّحّة النّفسيّة للإنسان.

ذهب آخرون إلى تفسير الأحلام من منحىََ ديني عقائدي بناءََ على منهجيّةِِ دينيّةِِ سواءََ من ناحية توقُّع الأحداث المُستَقَاة من الأحلام أو حتّى التّنبُّه من أمورِِ لا يمكن فهمُها إلا بطريقةِِ غيبيّة.

 

 

حقائِق حولَ الأحلام

  • قد لا نتذكّر أحلامَنا، لكنّ الجميع يحلُم بمعدَّل 3 إلى 6 مرّاتِِ في اللّيلة الواحدة.
  • مدّة كل حلمِِ تقريباََ من 5 إلى 20 دقيقة.
  • حوالي 95% من الأحلام يتمّ نِسيانَها فَورَ استيقاظنا من النّوم.
  • الأحلام تحسّن قدراتنا على التّعلّم وتنمّي ذاكرتنا.
  • الضّرير يحلم أكثر ويستخدم مكوّنات حسِّيَّة أكثر من المُبصِر.

 

Photo by John-Mark Smith from Pexels

 لماذا نَحلُم؟

  • الحُلم عبارةٌ عن ترجمةِِ للّاوعي والرّغبات والآمال.
  • تفسيرٌ للإشارات العشوائيّة من قِبَل الدّماغ خلال اليوم.
  • تجميع وترتيب الأفكار والمعلومات الّتي قُمنا بتجميعِها بشكلِِ مُباشرِِ أو غير مباشر خلال اليوم.
  • نوعٌ من أنواع العلاج النّفسي للإنسان.
  • تفريغٌ للذّاكرة من قِبَل الدّماغ من أجل إعادة ترتيب الأولويّات الذّهنيّة المعقَّدة.
  • التّحضير لمخاطر مستقبليّة محتَمَلة.
  • معالجة الأفكار والمُؤثّرات الضّاغطة على  الدّماغ من أجل إراحة المركز العَصَبي.
  • المساعدة على تطوير القُدُرات الإدراكيّة.
  • إنعكاس للوظائف العقليّة الحسّيّة بطريقةِِ نفسيّة.
  • تخفيف التّوتر والإحتقان النّفسي والعقلي لخلق بيئةِِ مُريحةِِ للنّوم.

 

مراحل النّوم

  • المرحلة الأولى: النّوم الخفيف، حيث حركة العيون بطيئة، والعضلات تبدأ بالإرتخاء. تمتدّ هذه المرحلة ل 5% من إجمالي فترة النّوم.
  • المرحلة الثّانية: حركة العيون تتوقّف وموجات الدّماغ تصبح أبطئ، العقل يُعطي إشاراتِِ مسكِّنةِِ للجَسَد من أجل الدّخول في النّوم العَميق. تمتدّ هذه المرحلة ل 50% من فترةِ النّوم.
  • المرحلة الثّالثة: موجاتٌ دماغيّةٌ بطيئةٌ جدّاََ مع موجاتِِ أسرع ولكن أصغر. تمتدُّ هذه المرحلة ل 6% من فترة النّوم.
  • المرحلة الرّابعة: يقوم الدّماغ بإرسال موجاتِِ تُسمّى(دلتا) بشكلِِ حَصريّ في هذه المرحلة. من الصّعب أن تنجَحَ في إيقاظِ أحدِهم خلال المرحلتين الثّالثة والرّابعة حيث نشاط العضلات والعيون يكاد يكون معدوماََ. في حال أيقَظتَ أحدَهم في إحدى هاتين المَرحلَتين، فإنّ الشّخص سيعاني من عدم راحةِِ وتأقلُمِِ وسوف يسبّب تغيّراََ في مَزاجِه بطريقةِِ سلبيّة. تَمتَدّ هذه المرحلة ل 15% من إجمالي فترة النّوم.
  • المرحلة الخامسة: في هذه المرحلة يستعدّ الدِّماغ لمرحلةِ الإستيقاظ فَيَقُومُ بتحفيز نشاط العضلات والعيون مجدّداََ ويزيد سرعة التّنفس  والتّحرّك اللّاإرادي مِمّا يجعل الشّخص يتقلّبُ ويلاحظ المتغيّرات حولَه بشكلِِ أكبر حتّى يُؤَدّي ذلك إلى الإستيقاظ عندَ أيّ محفّزِِ خارجي. تمتدّ هذه الفترة ل 25% من فترةِ النّوم عادة.

 

Photo by Mikhail Nilov from Pexels 

ما هي الأحلام

الأحلام هي تجاربَ إنسانيّةِِ عالميّةِِ يَمُرُّ بها البشر على اختلاف أنواعِهم وأجناسِهم بغضّ النّظر عن تَذَكُرِّهم لما يحلُمون به من عَدَمِه. الحلم عبارةٌ عن تجربة لا وَعي سلبيّة لا إرادة للإنسان بها حال حُدوثِها لأنّها تُعتَبر تفريغاََ تِلقائيّاََ من قِبَلِ الدّماغ للعديد من المؤثّرات الحسّيّة والتّجارب الواقعيّة.

تحدُثُ هذه التّجارب من خلال دمج الوقائع الحسّيّة والمعرفيّة فضلاََ عن التّعقيدات العاطفيّة في إطار سمعي بصري مُختَلِف عن الذّاكرة السّمعيّة البصريّة الواقعيّة الّتي نُمارُسُها في حياتنا اليوميّة إذ أنّ الشّخص في تلك الحالة يكون في حالة سكون حسّيّ أشبَه بحالةِ الغَيبُوبة.

لا يمتلك الحالم أدنى سيطرةِِ على ما يراه أو يسمعه داخل نِطاق الحلم حتّى ولو ظَنَّ أنّه يُسيطِر على بعض التّفاصيل، لأنّ الدّماغ هو الّذي يعطي الإشارات الحسّيّة للشّخص ويعرِضُ عليه التّجربة من بدايتها حتّى نهايتها بما في ذلك المشاعر التي تُرافِقُ ما يقوم باختِبَاره.

 

تُشيرُ دراسةٌ أجرَتها الوكالة الوطنيّة للصّحّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة إلى أنّ الحالة الإدراكيّة للشّخص خلال الحلم هي الأكثر جدليّة والأقلّ حسماََ لناحية معرَفة سبب سلبيّة الحالم وعدم قُدرتِه على السّيطرة على ما يرى ويسمع داخل التّجرُبة الحلميّة.

هناك اختلافٌ كبيرٌ بين التّفسير العَصَبي العِلمِي والتّفسير النّفسي التّحليلي في فَهمِ كُنهِ وجَوهَر الفائدة الصِّحيّة للحُلم وبالتّالي يرجِّح كلّ طَرفِِ كَون الحُلم أساسيٌّ لعَمَليّة مُعيَّنة لنَشاط الدّماغ الحسّي.

 

يركّز التّحليل العصبيّ على فَهم بِناء الأحلام من الدّاخل أي تَنظِيمِه والقُدرة على سردِه بالإضافة إلى تقسيم أحداثِه وترتيبِها، بَينَما يَميلُ التّحليل النّفسي إلى التّركيز على المعاني الرّمزية للأحلام بالإضافة إلى العلاقة بين التّاريخ النّفسي والعاطفيّ للحالِم وبين ما يرى من أحداثِِ ومواقِفَ وتجارُب.

 

تقوم التّقارير النّفسيّة والطبيّة بخُصوصِ الأحلام على كونِها تجارُب حسّية واضحة تُراعي المعاني العامّة للتّصوّرات بالإضافة إلى الأحاسيس والتّصوّرات والطّموحات. يُمكِن الربط بين ما يرى الحالم وما يتصوّره في الواقع من خلال تفسير مُنتَجات الحُلم على المستوى النّفسي واللّاشُعوري.

 

Photo by Elina Sazonova from Pexels

تفسير رُؤية الأشخاص في الأحلام

 

أجرَت الوكالة الوطنيّة للصّحّة الأمريكيّة دراسةََ على 320 شخصِِ من أجل تحليل طبيعة الأشخاص الّذين تتمّ رؤيتهم داخل الأحلام لتفسير العلاقة بين التّجربة والواقع. 

تبيّن من خلال الإحصاء أن 48% من الحالمين أكّدوا أنّهم يَعرِفون هذا  الشّخص بالأسم وأنّه شخصٌ موجودٌ في حياتهم الواقعيّة. 35% من الحالِمين أكّدوا أنّ الأشخاص الّذين رأَوهُم هُم ذَوُو صِفَةِِ إجتماعيّةِِ مثل شرطيّ مَثَلاََ أو طبيب. 16% منهم أكّدوا أنّ الأشخاص الّذين رَأَوهُم في الحلم غَير معروفين بالنّسبة لهم.

 

بالنّسبة للنّوع الأوّل، قام الباحثون بتصنيف الأشخاص المُعَرَّفين إلى 4 أقسامِِ حَسَب شهادات المتطوّعين فكانت النّتيجة كالتّالي:

  • 32% من الأشخاص هم على صلةِِ مباشرةِِ بالحالم في الواقع.
  • 21% منهم تمّ التّعرّف عليهم من خلال تصرّفاتهم.
  • 45% منهم تمّ التّعرّف عليهم من خلال الوجه.
  • 44% منهم تمّ التّعرّف عليهم من خلال المَعرِفة السَّطحيّة أي من دون الرّجوع للملامِح والتّصرُّفات.

المُهمُّ في هذه الدراسة كان العلاقة العاطفيّة بين الحالم والأشخاص الّذين صادَفَهُم داخل الحلم، إذ أكّد 87% من المتطوّعين أنّ الأشخاص الذين رأَوهُم هم على علاقةِِ عاطفيّةِِ ونفسيّةِِ سواءََ إيجابيّة أو سلبيّة معهم. أغلب الأشخاص كانوا في الواقع سبباََ لانفعالاتِِ عاطفيّةِِ لدى المتطوّعين، لذلك خَلُصَت الدّراسة إلى أنّ عمليّة الحُلم هي في الواقع ترجمةٌ لمشاعِرَ معيّنةِِ لدى الحالم تدفعه إلى إعادة ترتيب أوليّاته خِدمةََ للتّصوّرات المستقبليّة في حياته الواقعيّة ومساعدةََ له على اتّخاذ القرارات المصيريّة في حياته.

 

Photo by Gabby K from Pexels

ممارسات نومِِ مفيدة

في النّهاية، قد يكون من المهم التّعرُّف على بعض المُمارَسات  المُفيدة للحُصول على أفضل تجربةِِ حسّيةِِ خلال النّوم والتّخلّص من الأحاسيس السّلبيّة الّتي من الممكن أن تجعل النّوم عمليّة غير مريحةِِ أو تعرّض الحالم للكوابيس ومنها:

  • اعتماد نظام نومِِ ثابتِِ غير متقطّعِِ عبر اتّباع برنامجِِ يوميّ والتّقيّد بمواعيد النّوم.
  • تَجَنُّب التّعرض لموجاتِِ سلبيّةِِ قبل النّوم خصوصا الأفكار المُرعِبة النّاتجة عن مشاهدة برامج وأخبار مُريعةِِ أو حتّى التّفكير بطريقةِِ سلبيّةِِ حول المُستقبل.
  • ممارسة بعض التّمارين الرّياضيّة الّتي تخلّصُنا من العصبيّة والتّوتّر قبل النّوم بساعَتَين أو ثلاثة.
  • التّخفيف من استهلاك الكافيين والمواد المُقلِقة كالكُحول والطّعام البطيئ الهضم.
  • وقف كل مُشتِّتات النّوم من أصواتِِ وإضاءةِِ في المكان من أجل تجربةِ نومِِ صحّية.

 

المصادر:

  1. https://www.medicalnewstoday.com/articles/284378#interpretations
  2. https://www.healthline.com/health/why-do-we-dream#how-to-remember-your-dreams
  3. https://www.webmd.com/sleep-disorders/dreaming-overview
  4. https://www.verywellmind.com/facts-about-dreams-2795938



بمساهمة من   
فؤاد زيدان

مترجم وكاتب