5 عادات تساعد في تعزيز الثّقة بالنّفس

6 دقائق

الثّقة بالنّفس أمرٌ  مهمٌّ جدّاََ في الحياة اليوميّة، وهو على درجةِِ عاليةِِ من الأهميّة فيما يتعلّق بالأمور المصيريّة الّتي تتطلّب اتّخاذ قراراتِِ حسّاسةِِ على المستوى الشّخصي والإجتماعي.

 

لا يخفى على أحد أنّ الإنسان الواثق بنفسه يستطيع الوصول إلى أهدافه بطريقةِِ أكثر مُرونةََ وتلقائيّةََ من المتردّد، فالتّردّد يحدّ من قدرتنا على التّنفيذ وبالتّالي يُشعِرُنا بالعجز لعدم وجود ثقةِِ بقدراتنا على تحقيق الأهداف.

 

الثّقة تعطي انطباعاََ للنّاس أنّك شخصٌ جديرٌ بتحمّل المسؤوليّة وبالتّالي، تفتح لك المجال لممارسة أعمالِِ على المُستوى المهني والعملي وترتقي بك في المجالات العاطفيّة والإجتماعيّة. الحصول على مستوى عالِِ من الثّقة بالنّفس هو حلم كل شخصِِ سويّ بسبب ما تقدّمه هذه الثّقة في الأمور الحياتيّة.

 

تُعَرّف الثّقة بالنّفس على أنّها شعورٌ بالرّضى عن القدرات الفرديّة للشّخص بالإضافة إلى قِيَمِه وحُكمِه على الأمور. هذه الثّقة تؤدّي إلى تحسين الصّحّة النّفسيّة والجسديّة للإنسان كونها عاملاََ مُهِمّاََ في الوصول إلى الثّبات الإنفعالي عند مواجهة المواقف الحياتيّة وبالتّالي عنصراََ مهمّاََ في تحقيق النّجاحات الثّابتة على المُستويات الشّخصيّة والعاطفيّة والمِهَنيّة.

 

Photo by Blake Weyland on Unsplash

فوائد الثّقة بالنّفس

عندما يعزِّز الإنسان ثِقَتَه بنفسِه، يستطيع بالتّالي أن يحصل على فوائد مباشرة على المدى القريب والبعيد تُمَكّنه من الشّعور بالإنجاز والتّقدير:

  • أداء أفضل: بدلاََ من قضاء الوقت في القلق حول ما إذا كنت قادراََ على القيام بأمورِِ معيّنة، فإنّه من الأجدر أن تمتلك ثِقةََ بالنّفس تُؤدّي إلى القيام بالمهام على أكمل وجه، وهنا تستطيع أن تستثمر هذه الثّقة في تحسين الأداء والوصول إلى الأهداف المرجُوّة بأفضل طريقة.
  • علاقاتِِ صِحّيّة: عندما نمتلك ثقةََ بالنّفس، فإنّ هذا الأمر يؤثّر على شعورنا تجاه أنفُسِنا، بالإضافة إلى زيادة قُدرتِنا على استيعاب مشاعر الآخرين تجاهِنا، وخصوصاََ الإيجابيّة منها. الثّقة الكبيرة بالنّفس تجعلك أكثر قدرةََ على الإنسحاب من المواقف الّتي تشعُرُ فيها أنّك لا تتلقّى التّقدير المناسب على ما تقدّمه.
  • الإنفتاح لتجربة المزيد من الأُمور: عندما تمتلك الثّقة بنفسِك وقُدُراتِك، سوف يؤدّي ذلك للإهتمام بالقيام بالأمور الجديدة بشكلِِ تلقائي. الثّقة تؤدّي بك لطلب ترقيةِِ في العمل على سبيل المثال، أو أن تضع نفسك في مواقف تُؤدّي إلى زيادة منزِلَتِك في محيطك الإجتماعي أو في علاقاتِك.
  • المُرونة: الثّقة بالنّفس والقُدرات يمكن أن تقوّي القابليّة لتَقبُّل الأمور الجديدة، أو الإنسحاب من الأمور التي لا تلائمُنا، وهذه الأمر يسمّى المرونة. المرونة تجعلنا نواجه الحياة بشكلِِ أقوى وأوسع وأكثر تأثيراََ.

 

من أجل جَنيِ هذه الفوائد، علينا أن نبدأ بالتّفكير بالأمور الّتي تحسّن ثِقَتنا بأنفسنا وتعطينا دوافع قويّة للتّمسّك بشخصيّتنا والشّعور بالفخر لكونِنا على درجةِِ عاليةِِ من تقدير أنفُسنا:

 

توقّف عن مقارنة نفسك بالآخرين

يميل البشر عادةََ إلى مقارنة أنفُسهم بغيرهم من أقرانهم وأقاربهم، بالإضافة إلى الشّعور الدّائم بالرّغبة في الحصول على الأمور التي يشاهدون الآخرين مُستمتِعين فيها. هذا الشّعور طبيعيٌّ وغريزي لدى البشر، وهو يُعتَبَرُ دافعاََ قويّاًً لهم للإستمرار في البحث عن ما يُطَوّر من حياتِهِم ويُعطيهم أملاََ في المستقبل والتطوّر والإستمرار. لكن يجب أن نعلَم أنّ هذا الشّعور من الممكن أن يتحوّل إلى مَرضِِ نفسيّ خصوصاََ عندما نُبالغ في تمنّي الحصول على ما في أيدي الآخرين. المقارنات في زمن وسائل التّواصل الإجتماعي أمرٌ خطير جدّاََ على النّفسيّة، خصوصاََ لدى الأشخاص الذين لا يستطيعون السّيطرة على نوازعهم النّفسية السلبيّة. في هذه الحالة يميل هؤلاء إلى تمنّي حصولِهِم على ما في أيدي الآخرين وبالمقابل تمنّي أن تُسلَب هذه الأمور من الآخرين أيضاََ. 

 

تُبيّن الأبحاث أنّ النّاس الذين يُقارِنون أنفسهم بالآخرين يَختَبِرون أنواعاََ من الحِقد والغيرة. هذا الشّعور السلبيّ يؤدّي في النّهاية إلى اختلالِِ في مشاعر الحزن والفرح ويؤدّي بالنّهاية إلى الإكتئاب.

إذا كنت تشعُر بالغيرة على سبيل المثال من شكل حياة أحدهم، ذكِّر نفسك دائماََ بقدراتِك ونقاط قوّتك. ثمّ ضَع بعين الإعتبار أنّ الهدف من حياتِنا هو أن نُرضِي أنفُسنا لا أن نرضي نظرة الآخرين حولنا.

 

عندما تشعر بأنّك ترسم حياتك على أُسُسِ المقارنة، توقّف وتفكّر: الحياة ليست منافَسة حول مَن الأفضل، إنما يقوم كلّ شخصِِ بسباقه الخاصّ مع نفسه وليس مع الآخرين.

 

 

 أحِط نفسَك بالنّاس الإيجابيّين

يجب أن نهتمّ دائماََ بنوعيّة النّاس الذين نسمح لهم بالإنخراط في حياتِنا. قد يكون من المفيد التّفكير في جدوى صداقاتِنا باستمرار على قاعدة: هل تُؤدّي هذه الصّداقة إلى ما هو خير لي على المدى القريب والبعيد؟ وهل أشعُرُ أنّني أكتسب ثقةََ أكبر عندما أتواجد في هذا المحيط ومع هذه النّوعية من النّاس؟ 

 

هذه الاسئلة وغيرها تُعتَبر وقفةََ تأمليّة مع النّفس من أجل معرفة ما إذا كُنّا نقضي الوقت في تعزيز الجوانب الإيجابيّة من علاقاتِنا الإجتماعيّة أم نقترب أكثر من الجوانب السلبيّة التي تَحُدُّ من طُموحاتِنا وتؤثّر على تقدير أنفسنا. 

 

الخلاصة

أَحِط نفسَك بالنّاس الّذين تُحِبُّهم والذين يتمنّون الخير لك

 

Photo by Ramiro Mendes on Unsplash

اهتمّ بجسمِك

قد لا يخفى على أحدِِ أن الإهتمام بالجسم هو أحد مداخل زيادة الثّقة بالنّفس، فالسُّمنة الزّائدة على سبيل المِثال تؤدّي إلى فقدان الثّقة، والأمراض النفسيّة والجسديّة التي تَحُدُّ من القُدرة على مزاولة النّشاطات اليوميّة لها وقعٌ فاعلٌ على درجة الثّقة بالنّفس وتعزيزها. لذلك يجب الأخذ بعين الإعتبار بعض الأمور المتعلّقة بالمظهر الخارجي والصّحّة الجسديّة الّتي تعزّز النّفسيّة والثّقة بالذّات وتؤدّي إلى خير الشّخص على أكثر من مستوى.

 

الوجبات الصحّيّة: تناول الوجبات الصحّية يعمل على تخليص الجسم من السّموم والأمراض وخصوصاََ تلك المتراكمة على المدى البعيد والّتي تؤدّي إلى السّمنة والأمراض المُزمِنة المُؤثّرة على النّفسيّة والثّقة بالنّفس.

الرّياضة: ممارسة الرّياضات الجسديّة عاملٌ مهمٌّ جدّاََ في البقاء على أتمّ الجهوزيّة والإستعداد النّفسي والتّخلّص من الأمراض الجسديّة والنّفسيّة المُصاحِبة لقلّة الحركة. المُنخرِطون في النّشاطات الرياضيّة يتمتّعون بحسّ أعلى من التّفاؤل والثّقة والرّشاقة والإبتكار.

 

التأمّل: أحد أهم الرياضات الروحيّة التي تقوم على الإسترخاء والإستمتاع بالسّلام الداخلي. يقوم الشّخص من خلال التأمّل بالتّفكير فيما يملك في هذه الحياة والتّركيز على ما يريد تحقيقه من خلال عرض الصُّور الذهنيّة المحفّزة له على التّقدم والإبداع وتقدير الجوانب الإيجابيّة في حياته من عائلةِِ وأصدقاء وأحباب بالإضافة إلى ما يملك على أصعِدَة أخرى كالحياة العمليّة والإجتماعيّة ممّا يعزّز الثّقة بالنّفس وتقدير الحياة والأشخاص.

 

النّوم: النّوم الصّحّي المُنتَظِم ولساعاتِِ كافيةِِ له تأثيرٌ رائع على صحّة الدّماغ والتّركيز والثّبات العاطفي والإنفعالي. الأشخاص الّذين ينامون لساعاتِِ كافيةِِ لديهم القدرة على الإبداع في جميع المجالات وخاصّة النفسيّة والعقليّة. الصّحّة الجسديّة النّاتجة عن النّوم الكافي تؤدّي إلى شعور الشّخص بالقدرة على ممارسة مهامه الحياتيّة بأفضل طريقة ومن شأنها أن ترفع ثقته وتُنمّي تقديره لذاته ولقيمة وجوده في المجتمع من خلال التّركيز الأكبر والخصائص النفسيّة الإيجابيّة المترتّبة كالثّقة والتّفاؤُل وتقدير الذّات.

 

Photo by Naassom Azevedo on Unsplash

واجِه مخاوِفك

"إفعَل ما تخاف" هي مقولةٌ عميقة في علم النّفس تشجّع على مواجهة المخاوف لا الهروب منها، فالعدو الحقيقي للإنسان هو ذلك الّذي يتربّص به من الدّاخل. هذا العدوّ الحاضر دائماََ في داخلنا هو الخوف، سواءََ كان الخوف من المستقبل أو من تجرُبةِ أمور جديدة أو ببساطة الخوف من كلّ شيئِِ قادم. هذا الخوف هو الذي يَحُدّ من قدرة الإنسان على المُضِيّ قُدُماََ في مشاريعه ومخطّطاته وأحلامه، ويُعتَبر عائِقاََ أمام تقدّمه في الحياة لناحية الأمور العاطفيّة، العمليّة، الإجتماعيّة، أو حتّى العادات اليوميّة. الخوف يؤثّر على الثّقة ويعطي انطباعا للشّخص أنّه عاجزٌ ولا يستطيع أن يحقّق ما يريد. هذا الخوف هو أمر وهميٌّ وليس له أي مبرِّر سوى أنّه حالةٌ أو مرضٌ نفسيٌّ يجب التّخلّص منه في أسرع وقتِِ ممكن. إن أفضل طريقة لرفع الثّقة هي مواجهة مخاوفك.

 

لا يخفى على أحد أثر زيادة الثّقة بالنّفس عند مواجهة المخاوف والتغلّب عليها، خصوصاََ تلك التي تُعيق الحياة وتؤدّي بالإنسان إلى التوقّف عن مزاولة حياته كالمعتاد مثل رُهاب المُرتفعات، المواقف الإجتماعيّة، قيادة السّيّارة، الرّياضات بأشكالها، أو حتّى التّحدُّث. بإمكاننا أن نتعلّم كيفيّة تصحيح الأخطاء بطريقةِِ صحيّةِِ نفسيّاََ لكي لا نخشى ارتكاب الأخطاء في المستقبل. بإمكاننا أيضاََ أن نتعلّم كيفيّة الإستفادة من النّقد الإيجابيّ بعيداََ عن الأحكام المُسبَقة التي تقلّل ثِقَتَنا بأنفُسِنا وتؤدّي بنا إلى الإكتِئاب.

 

عندما تواجه مخاوِفَك وتجرِّبُ أموراََ صعبة، سوف تكسب ثقةََ كبيرةََ بنفسِك.

 

Photo by Jani Brumat on Unsplash

 تَحَدَّ  نفسَك

منطقة الأمان الّتي يشعُر بها كل إنسان عند الإعتياد على عملِِ ما، نشاطِِ ما، شكلِ حياةِِ معيّن هي المنطقة الّتي يشعر بها الإنسان أنّه في مأمنِِ من الأمور الجديدة الّتي من الممكن أن تُؤرِق راحَتَه أو الشّعور بالخطر من نظامِِ معيّن. هذه المنطقة قد تكون مهمّة للإنسان الذي يعتبر أنه وصل إلى ما كان يطمح إليه ولا يريد التّقدّم أكثر، لكنّها عائقٌ أمام الطّموح لأنّ التّفكير الدّائم بعدم الرّغبة بالخروج منها يقلّل الثّقة ويبني عوائق أمام التّجربة الإيجابيّة والتّقدّم نحو أنماطِِ جديدةِِ من الحياة قد تحمِل معها نجاحاتِِ ساحقةِِ لا يستطيع الإنسان تخيّل نفسه بمنأىََ عنها. هنا يجب أن نعرف أمرين:

  • ليس من السّهل نفسيّاََ أن يُخرِج الإنسان نفسه من دائرة الأمان، لكنّ محاولة الخروج هي الطريق إلى النّجاح والتألّق وزيادة الثّقة بالنّفس.
  • دائرة الأمان ليست دائما عائقاََ أمام الطّموح، لكن الخوف من تخطّيها هو الذي يولّد لدينا الشّعور بالهروب الإجتماعي الذي يتحوّل مع الوقت إلى قلّة الثّقة بالإمكانات والتّراجع عند مواجهة أي شيئِِ جديد.

 

الثّقة بالنّفس مفتاح نجاحاتِِ جَمّى لا حصر لها ولا عدد. والرّغبة في اقتحام كافّة الميادين المُمكنة في الحياة هو أمرٌ طبيعي للإنسان الطّموح. يجب أن نُدرِك جيّداََ أن الثّقة بالنّفس هي خيار وليست أمراََ مفروضاََ علينا. لذلك إذا أردنا أن يقدّرنا النّاس، علينا أن نمنح أنفسنا هذا التّقدير بدايةََ ولا نبخل على أنفسِنا بتجربةِ كلّ ما هو مُتاح. الخوف من التّجربة هو أكبر عائقِِ أمام النّجاح وبالتّالي أكبر مدمّر للثّقة النفسيّة والشخصيّة للبشر.

 

في النهاية لا ننسى قول الإمام علي رضي الله عنه:

 

إن خِفتَ من شيئِِ فَقَع فيه

 

المصادر:

  1. https://www.verywellmind.com/how-to-boost-your-self-confidence-4163098
  2. https://www.adhd-information.com/adhd-foster-self-confidence.html
  3. https://raisingchildren.net.au/toddlers/behaviour/understanding-behaviour/about-self-esteem
  4. https://www.huffingtonpost.ca/2017/03/08/young-girls-self-esteem_n_15217626.html



بمساهمة من   
فؤاد زيدان

مترجم وكاتب