8 أسباب تؤدّي للشّعور بالتّعب طوال الوقت

6 دقائق

نعيش اليوم في عالمِِ سريعِِ ومليئ بالتّحديات اليوميّة الضّاغطة على أعصابنا وسلوكيّاتنا في سباقِِ مَحمُومِِ لتأمين المتطلّبات المتزايدة من الأساسيّات والكماليّات الضّروريّة. في ظلّ انتشار وباء الكورونا المُستجدّ وفي عالم مليئِِ بالتّعقيدات على المستوى النّفسي، الإجتماعي، المادّي، وحتّى العاطفي، نُلاحِظُ توجّهاََ كبيراََ نحو العُزلة والإكتفاء بالذّات لأسباب كثيرة منها ما هو نفسي ومنها ما هو بيولوجي. تشترك هذه المشاعر بين البشر بمُسبِّبِِ واحدِِ قلّما ينتبه إليه الكثيرون وهو الشّعور بالكسل وعدم الرّغبة بممارسة الحياة كما اعتدنا عليها سابقاََ.

 

هذا الشّعور بالكسل وقلّة الطّاقة قد يعزوه البعض إلى الحالة النّفسيّة السّائدة بين المجتمعات من الخوف من المرض، أو عدم الرّغبة بمتابعة المُستجِدّات السّياسيّة والإقتصاديّة في عالم يميلُ إلى الإنهيار أكثر من كَونِه في تطوّر مستمر. الكسل وقلّة الطّاقة قد ترتبط بمسبِّبات كثيرةِِ سنَذكُر أهمّها في هذا المقال بالتّفصيل.

 

نقص الحديد

عُنصُر الحديد في التّغذية مهمٌّ وأساسي في عمليّة التّوازن والتّركيز، فضلاََ عن تقوية الأعصاب والعضلات والشّعور باليقظة والحيويّة. العديد من النّاس لا يتابعون نمط تغذيةِِ معيّنِِ من أجل الحصول على صحّةِِ مُتكاملةِِ من خلال إدخال العناصر المتكاملة والتّأكّد من الإكتفاء الكامل، فيقومون بتَناوُل الموجود من الطّعام سواءََ كان صحيّاََ أم لا، وسواءََ كان مُعدّاََ داخل البيت أم على شكل وجبات سريعة. هذا الإستهتار يؤدّي إلى نقصِِ في العناصر الغذائيّة الضّروريّة ومن بين أبرزها عنصر الحديد. 

 

إن نقص الحديد داخل جسم الإنسان يؤدّي إلى ضعف عَمل الدّماغ، بالإضافة إلى نقص مستويات الإستعداد الوظيفي للخلايا العُضويّة. عند نقص الحديد، لا يُهِمُّ إن كنت تحصُل على كفايَتِك من ساعات النّوم. سواءََ نمت 4 أو 10 ساعات، سوف تشعُر دائماََ بالكَسَلِ وقلّة الحيويّة. نَجِدُ هذا النّقص مُنتشِراََ بين الحوامل بكثرة، وأيضاََ عند النّساء اللّواتي يختَبِرن الدّورة الشّهريّة. نوعاََ آخر من الأشخاص الذين يُعانُون من نقص الحديد هم النّباتيّون الذين تَرتَكِزُ وَجَبَاتُهم على الأعشاب والخُضرَوات ويَمتَنِعُون عن تناول اللّحوم بأنواعها.

 

يمكن تعويض نقص الحديد من خلال تناوُلِ مأكولات مثل السّبانخ، الكَبِد، البُقوليّات، اللُّحوم الحمراء، بذور اليَقطين، الكِينَوا، والمَحَار.

 

قد يُصاحِبُ نَقصَ الحديد أيضاََ عَوارِض أُخرى تجعلُك تتأكّد من حاجَتِك لهذا العُنصر بالإضافة إلى الخُمولِ والتّعب المُستمر. أثبتَت الدّراسات أنّ عوارِض نقصِ الحَديد قد تَشمُلُ الدّوخة، هَشاشَة الأظافر، الشُّحوب، وضِيقِ التّنفّس. كل هذه المشاكل يمكن لعنصر الحديد بكميّات كافيةِِ أن يعالج الجسم منها من خلال أقراصِِ أو كبسولاتِِ أو أدويةِِ سائلة.

 

نقصُ النّوم

النّوم متأخّراََ بالإضافة إلى عدم الحُصول على القدر الكافي من النّوم قد يؤدّي إلى الكسل وقلّة الإستعداديّة للحَرَكة. من المُهمّ الحُصول على القَدر الكافي من النّوم في نظامِِ ثابتِِ من ناحية عدد السّاعات ووقت النّوم والإستيقاظ. إنّ الخَلَلَ في طريقَة النّوم، عدد السّاعات، مكان النّوم، والمُؤثّرات الخارجيّة المُحيطة بالنّوم قد يُؤدّي إلى اضطراباتِِ هُرمونيّة تَحرِمُ الشّخص من التّركيز وتؤدّي به إلى الكَسَل والتّعب وبالتّالي قلّة الإنتاجيّة. 

قلّة النّوم تُؤدّي أيضاََ إلى مشاكل في النّظر والسّمع والإستجابة لعمليّة الأيض. هذا الخلل قد يُؤذِي الجِلد وتَطوّر العظام بالإضافة إلى الإرهاق المُستَمر للأعصاب والنّقص في نقلِ الدّم عبر الشّرايين والأوردة.

لقلّة النّوم عوارض مُصاحِبةََ للتّعب والكسل قد تَشمُل كثرة التّثاؤب والمَيل إلى الإكتئاب، بالإضافة إلى انخفاض القُدُرات العقليّة وإجهاد البَشَرة و انخفاض الرّغبة الجِنسيّة عند الكثيرين.

بعض النّصائح للحُصول على نومِِ أفضل قَد تشمُل:

  • الإنتباه لطبيعة الطّعام والشّراب المُتَنَاول خلال النّهار وعدم تَنَاوُل المنبّهات بِكَثرة.
  • تخفيف المُشَتّتات قبل النّوم من الإضاءة المُزعجة والضّوضَاء.
  • تقليل وقت القيلولة خلال النّهار الذي من شأنه أن يزيد ساعات النّوم في اللّيل.
  • ممارسة التّمارين والنّشاطات الرّياضية خلال اليوم.
  • السّيطرة على مشاعِر التّوتّر والقَلَق تجاه الأُمور الحياتيّة.

 

الشّعور بالضّغط والإنفِعَال

 الضّغط العَصَبي والإنفعالي أحد أبرز مُسَبّبات الكَسل لدى البشر. هذا الشّعور قد يُؤَدّي إلى استنزاف القُدُرات العقليّة والعَصَبيّة بالإضافة إلى العناصر الغِذائيّة المَسؤُولة عن النّشاط وبالتّالي قد يَحرِم الإِنسان من الشُّعور بالرّاحة والحيويّة ويؤدّي به إلى الكَسَلِ والتَّعب. 

هذا الضّغط الإنفعالي قد يَنتُج عن مسؤوليّات لم يَستَطِع الشّخص التّعامُل مَعَها بالشّكل المُناسِب، أو بسبب ضُغُوطِِ إجتماعيّة من العائلة والمُحيط. الإحباط المُرافِق لعَدَمِ القُدرة على استيعاب وتنفيذ المَهام المَطلوبة من الإنسان تجعَلُه يعزِفُ عن المُشاركة في نشاطاتِِ إضافيّةِِ لِعَدَم رَغبَتِه في اختبار نَفس الفَشَل بطريقةِِ أو بأُخرَى.

بعض النّصائح لتَخفِيف التّوتّر والإنفعال لدى الأَشخَاص الذين يعيشُون في محيط مُتَوَتّر:

  • مُمَارَسَة الأَنشِطة الرياضيّة والعقليّة الّتي تَتَطلّب جُهداََ وطاقةََ كبيرين.
  • اتّباع نِظامِِ غِذائيّ مفيدِِ للصّحّة.
  • تجنّب العَادات غير الصّحيّة كالكُحُول والمُنَبّهات.
  • مُمَارَسَة رِياضَات التّأمُّل كاليوغا مَثَلاََ.
  • التّواصل مع الآخرين وبِناء دائرةِِ إجتماعيّةِِ فَعّالة.
  • الحُصُول على قَسطِِ كافِِ من النّوم.
  • متابعة الأخبار الإيجابيّة كأخبار الهِوايات والرّياضَات.
  • طلب الإستِشارة مِن ذَوِي الإِختِصَاص.

سُوء التّغذية

أحد أبرز عَوامِل التّأثير على استعداديّة ونشاط الإنسان هي نوعيّة التّغذية التي يُدخِلُها إلى جِسمه. الكثير من النّاس لا يكتِرِثُون بنوعيّة الغِذاء وتوازُنِه ظنّاََ منهم أنّ الشُّعور بالشّبع هو كافِِ لتَأمين احتياجات الإِنسان. إنّ خَلايا الجِسمِ المُختَلِفة هي في تجدُّدِِ مُستَمرّ من خِلال عمليّة مَوتِ وتبديل الخلايا سواءََ في الدّماغ أو في باقي الأَعضَاء. إنّ جَودَة تَبدِيل الخَلايا يَعتَمِدُ بشكلِِ كَبيرِِ على نوعيّة التّغذِيَة وطبيعَة المواد الّتي تُستَخدَمُ في عمليّة الأيض والتّجديد. لذلك يجب علينا أن نهتَمَّ بِجَودَة الطّعام الذي نَستَهلِكه ونِدرِكُ أهميّته في تحديد استعداديّتِنَا ونَشَاطِنا اليومي والحَركي.

الفِئات الأكثر عُرضةََ لِسُوءِ التّغذية:

  • الشّباب: ففي مرحلة النّمو الثّانية قد يحتاج الشّاب لِعَناصِر غِذائيّةََ يَتِمُّ تَجاهُلها بسبَبِ الإهمال والإستِهتار وبالتّالي تُؤثّر على نُمُوِّه وصِحّتِه الجسديّة والنّفسيّة.
  • الحَوامِل: من أجل تعويض النّقص في التّغذية المُستَخدَمَة من قِبَل الجَنين، يَجِبُ على الحَوامل زِيادة معدّلات التّغذية لديهم.
  • المُسِنّون: فَعَدَم القُدرة على تَنظِيم الحاجات الغذائيّة لدى الأكبر سِنّاََ يُمكِنُ أن يُؤدِّي إلى نقصِِ كبيرِِ في المُكوّنات الغِذائيّة الأَساسيّة لمُعالَجَة الأمراض المُزمِنَة لديهم.
  • المَرضى المُزمِنُون: أغلب هذه الأمراض تَرتَبِطُ بسُوء امتصاص المواد الغذائيّة أو الأمراض الضّاغطة على الأجهزة الحيويّة لدى هؤلاء المَرضى.

قِلّة المِياه

نقصُ السّوائل داخل الجِسم على فَتَراتِِ طويلةِِ يُؤَدّي إلى مشاكِلَ صحّيّةِِ خطيرة. العديد من أعضاء الجسم تتأثّرُ بِسَبَب قِلّة المياه بسبب طبيعة تكوين هذا الهَيكَل المُتَكامل. تُشكّل المياه أكثر من 70% من تكوين الجسم البَشَري وهذا يدُلُّ على قيمَةِ وأَهَمّيّة هذا السّائل في الحِفاظ على تَوازُن البَشَر. قِلّة المِياه قد تُؤَدّي إلى الشّعور بالإِرهاق والتَّعَب بالإِضافة إلى الخُمُول وأَوجَاع الرّأس والإِمساك. كل هذه المَشاكل بالإضَافَة إلى مَشاكِل أكثَرَ خُطورةََ كالكِلى والكَبِد ونَقصِ التّركيز ونَشَفَان الخَلايا من المُمكن أن تكون نتائِج مُدَمِّرةََ للصّحّة على المدى المَنظُور والبَعيد.

يُمكِنُ أن تَشمُلَ أعراض نَقصِ المِياه في الجِسم:

  • مشاكل الكولسترول
  • الصُّدَاع والدُّوار ومشاكِل التّركيز
  • التّقلُّبات المَزاجيّة
  • الجفاف في الفم
  • صُعُوبة في خَسَارة الوَزن الزّائد
  • جفاف في العيون
  • آلام في المَفَاصِل
  • انخِفاض في الكُتَل العَضليّة والتّشنُّجات
  • اضطرابات في الجِهاز الهَضمي
  • الجَفاف والشّيخوخَة المُبكِرة

 

نُموّ الجِسم

في فَتَرات النُّمو عِند المُراهَقَة على سبيل المِثال، أو في أيِّ مَرحَلةِِ أُخرى، قد يَشعُرُ الإِنسَانُ بالكَسَلِ والتّعَب والإِرهاق بسَبَب انشِغَال الجِسمِ بتَنظِيم عَمَليّة توزيع الغِذاء والطّاقة في عمليّة البِنَاء الهيكليّة للجِسم. في هذه الفَترة يُمكِن أن يَشعُرَ الشّخص بعدمِ القُدرة على التّحرك بنشاطِِ اعتيادي، ومِنَ المُمكِن أن يَختَبِرَ أعراضاََ أكثر إرهاقاََ كآلام الرّأس أو المَعِدة، لكن سُرعان ما تَتَلاشى هذه العَوارِض عند إتمام عَمَليّة الأيض أو على فَتَراتِِ مُعيَّنَة من توقُّف عمليّة النُّمو أو اكتِمَالِها.

 

 

قِلّة مُمَارسَة الرّياضة

الخُمول يتعلّق بعدم حرق السُّعرات الحراريّة، لذلك فإنّ أكثرَ النّاسِ عُرضَةََ للخُمول وقلّة الطّاقة هم الّذين لا يُمارِسون الرّياضة بشكلِِ دائِم. هذا السُّلوك السّلبي قد يُؤدّي مع الوقت الى العديد من المَشَاكِل النّفسية والعصبيّة والجسديّة. إنّ نَمَط الحياة القليل الحَركة يؤدّي إلى هُبُوط معدّلات هُرمُون الأدرينالين المَسؤُول عن الإستِعداد الحَرَكي وبالتّالي إلى زيادة الخُمول وقلّة الإستِعداد للحَرَكة فضلاََ عن التّعب المُزمِن المُقنَّع. 

 

الأمراض المُزمِنة

المُسبِّب الأخير للخُمول والكَسَل يُمكن بالطّبع أن يعود إلى مرضِِ عُضويّ أو نَفسِي يُعيقُ التّحرّك بشكلِِ سَلِسِِ وانسيابي. تتعدّد الأمراض المُرتَبِطة بتقييد الحركة من الشّلل، إلى خللِِ في إفراز الهُرمونات، إلى تَلَفِ الأعصاب المُحرِّكة للأعضاء، مُرُوراََ بالمَشاكِل النّفسية كالإكتئاب والتَّوحُّد ونقصِ الفِيتامينات. كل هذه الأُمور تُعيقُ النّشاط وتؤدّي بالتّالي إلى الكَسَل والتّعب المُتَكَرّر. 

يُمكِنُ التّغلّب على هذه المؤثّرات من خِلال التّشخِيصِ الدّقيق لطبيعَة المَرَض والتّعامل معه طبّيّاََ على أُسُسِِ واضحةِِ وعلميّة مما يحدّ من انتشاره ويقلّل المدّة الزّمنيّة للمعاناة المترتبّة عليه. كما يُمكن استشارة أخصائيّين نفسيّين للتّعامل مع الأمراض النّفسية المُستعصِية ومساعدَة المريض على تجاوُزِها والعودة إلى حياتِه الطّبيعيّة.

 

في الحركة بَرَكَة، وفي السُّكُون تَلَف. لا يختَلِفُ اثنين على أهمّيّة النّشاط والإبتِعاد عن الكَسَل المُزمِن من أجلِ صِحّةِِ نَفسيّةِِ وجسديّةِِ مُستَدَامة، ولا يعرِفُ قِيمة النّشاط إلّا مَن حُرِم منه، لذلك علينا استدراك أنفُسِنا بأسرَع وقتِِ مُمكنِِ في حال أحسَسنَا بأحَدِ هذه الأعراض دون تَسويفِِ أو تأجيل وأن لا نخجَلَ من طَلَب المُساعدة من الأخِصّائيّين وأهل الإختِصاص للعودَة إلى حياتِنا الطّبيعيّة من جديد.

 

المصادر:

  1. https://www.femina.in/wellness/de-stress/8-possible-reasons-why-you-feel-tired-lazy-and-dull-all-the-time-177175.html
  2. https://www.businessinsider.com/reasons-youre-tired-all-the-time-2018-6
  3. https://www.livehealthily.com/healthy-habits/why-am-i-so-lazy



بمساهمة من   
فؤاد زيدان

مترجم وكاتب